الحفاظ على شباب الدماغ باستخدام الذكاء الاصطناعي
شيخوخة الدماغ
لقد تبين أن دماغ الإنسان يمكن أن يبدو أكبر أو أصغر سناً. كيف يحدث ذلك؟ ولماذا؟ يجيبنا الذكاء الاصطناعي (AI) عن هذه التساؤلات من خلال دراسة علمية حديثة نُشرت في مجلة Alzheimer’s & Dementia: The Journal of the Alzheimer’s Association.
كيف يكشف الذكاء الاصطناعي أسرار شباب الدماغ؟
كشف الباحثون في معهد كارولينسكا، وفقاً لموقع Earth، عن رؤى مثيرة حول شيخوخة الدماغ، وذلك عبر دراسة حديثة تربط بين الذكاء الاصطناعي وعلم الأعصاب. أظهرت الدراسة أن مفتاح الحفاظ على دماغ شاب قد يكمن في صحة الأوعية الدموية في الجسم.
ومع تزايد أعداد المصابين بالخرف، وخصوصاً الزهايمر، حول العالم، أصبح فهم آليات شيخوخة الدماغ أكثر أهمية من أي وقت مضى.
الدراسة تقدم رؤى عملية للحفاظ على الصحة المعرفية مع التقدم في العمر، حيث استخدم الباحثون الذكاء الاصطناعي لتحليل صور الدماغ من 739 شخصاً يتمتعون بصحة معرفية. يبلغ متوسط أعمار المشاركين 70 عاماً، وتشكل النساء ما يزيد قليلاً عن نصف المجموعة المشاركة.
الذكاء الاصطناعي في خدمة العلم
طور فريق البحث خوارزمية ذكاء اصطناعي متقدمة قادرة على تقدير العمر البيولوجي للدماغ من خلال فحوص التصوير بالرنين المغناطيسي. وقد تم تصميم هذه الخوارزمية لمعالجة تحديات تقدير عمر الدماغ بدقة، مما يفتح آفاقاً جديدة في فهم عمليات الشيخوخة.
وأوضح البروفيسور إريك ويستمان، الباحث الرئيسي في الدراسة وأستاذ طب الأعصاب في معهد كارولينسكا: “إن الخوارزمية دقيقة وقوية، وهي سهلة الاستخدام، مما يجعلها أداة مميزة يمكن أن تحدث فرقاً كبيراً في الأبحاث الطبية المستقبلية”.
وأشار إلى أنه رغم كونها أداة بحثية تتطلب مزيداً من التقييم حالياً، فإن الخبراء يأملون في تطبيقها مستقبلاً في البيئات السريرية، لا سيما في تحقيقات الخرف، وأيضاً في تحسين الاستراتيجيات الوقائية للكشف المبكر عن الأمراض المرتبطة بشيخوخة الدماغ.
أهمية صحة الأوعية الدموية
لعل أبرز ما توصلت إليه الدراسة هو العلاقة القوية بين صحة الأوعية الدموية وعمر الدماغ. وقد اكتشف الباحثون أن عوامل مثل الالتهابات والسكتات الدماغية تؤثر بشكل مباشر على صحة الدماغ، مما يجعل الأدمغة تبدو أكبر من عمرها الزمني. واكتشف فريق البحث أن عوامل مثل مرض السكري، السكتات الدماغية، أمراض الأوعية الدماغية الصغيرة، والالتهابات، تؤثر سلباً على صحة الدماغ وتجعل الأدمغة تبدو أكبر من العمر الزمني للمشاركين.
وأشارت مؤلفة الدراسة آنا مارسيليا إلى أن الحفاظ على مستويات الجلوكوز في الدم مستقرة هو أحد العوامل الرئيسية في حماية الدماغ.
النظام الحياتي الصحي وأثره الكبير
كشف البحث أيضاً عن تأثير نمط الحياة الصحي على صحة الدماغ، حيث أظهرت التمارين الرياضية دوراً هاماً في تعزيز المرونة الذهنية. يُنصح بممارسة تمارين الأيروبيك أو المشي السريع بشكل يومي لدورها الفعال في تحسين الدورة الدموية. كما أثبتت الدراسات أن نظاماً غذائياً متوازناً يشمل الخضروات الورقية، الأسماك الدهنية، والمكسرات يساهم في تعزيز القدرات المعرفية والوقاية من تدهور صحة الدماغ. أظهرت التمارين المنتظمة دوراً هاماً في الحفاظ على أدمغة تبدو أصغر سناً، مما يعزز فكرة أن النشاط البدني هو دفاع قوي ضد الشيخوخة المعرفية.
هذا الاكتشاف يؤكد أننا نستطيع التحكم جزئياً في عملية شيخوخة الدماغ من خلال خيارات صحية، رغم أننا لا نستطيع تغيير جيناتنا.
من يشيخ دماغه أسرع: الرجال أم النساء؟
كشفت الدراسة عن اختلافات بين الرجال والنساء في شيخوخة الدماغ. حيث أظهرت أن العوامل المؤثرة على عمر الدماغ قد تختلف بين الجنسين. وأشارت آنا مارسيليا إلى أن فريق البحث سيطلق دراسة مستقبلية لفهم تأثير الصحة الاجتماعية، النوم، والتوتر على مرونة الدماغ، مع تركيز خاص على النساء.
خطوات لتعزيز صحة الدماغ
توصي الدراسة بعدة خطوات عملية لتعزيز صحة الدماغ، منها:
- الحفاظ على مستويات السكر في الدم مستقرة من خلال تناول وجبات غذائية متوازنة، والحرص على إجراء الفحوص الطبية الدورية للكشف المبكر عن أي اختلالات.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، حيث يُنصح بأن تشمل التمارين اليومية المشي السريع أو تمارين الأيروبيك لتحسين الدورة الدموية وتعزيز النشاط الذهني.
- السيطرة على الالتهاب من خلال تبني نمط حياة صحي يشمل تقليل الأطعمة المعالجة وزيادة تناول مضادات الأكسدة.
- الاهتمام بصحة الأوعية الدموية من خلال مراقبة ضغط الدم ومستويات الكوليسترول، واتباع توصيات الأطباء بشأن العلاج والوقاية.
- التركيز على العوامل الاجتماعية مثل تعزيز الروابط الأسرية والمشاركة في الأنشطة المجتمعية، لما لها من أثر في تحسين الصحة النفسية والعقلية.
- النوم الصحي، حيث يُوصى بالنوم لسبع إلى تسع ساعات يومياً مع الحفاظ على جدول نوم منتظم لتحسين وظائف الدماغ.
- تقليل التوتر بممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل أو تمارين التنفس العميق، مما يساعد على تخفيف الضغط النفسي وتعزيز المرونة الذهنية.
- الحفاظ على مستويات السكر في الدم مستقرة من خلال النظام الغذائي والفحوص المنتظمة.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
- السيطرة على الالتهاب من خلال الغذاء وخيارات الحياة الصحية.
- الاهتمام بصحة الأوعية الدموية عبر الفحوص الطبية.
- التركيز على العوامل الاجتماعية مثل المشاركة والدعم.
- النوم الصحي.
- تقليل التوتر بممارسة تقنيات الاسترخاء.
هذا النهج الشامل يعزز التوصيات المستقبلية للحفاظ على الصحة المعرفية طوال الحياة.
شباب الدماغ: خلاصة
إن العناية بصحة الأوعية الدموية ليست مفيدة فقط لصحة القلب، بل إنها ضرورية للحفاظ على دماغ شاب ومرن.
مع التقدم في البحث، يُنصح باتخاذ خطوات عملية لحماية الدماغ من الشيخوخة. ويشمل ذلك تحسين نمط الحياة، التغذية السليمة، وممارسة النشاط البدني بانتظام.
في المستقبل، قد تصبح أدوات تقييم عمر الدماغ بالذكاء الاصطناعي جزءاً من العلاجات السريرية، مما يعزز فهمنا واهتمامنا بالصحة المعرفية.